الجمعة، 2 نوفمبر 2018

شجر ميت


   چو هيل
   ترجمة: هشام فهمي

ثمَّة من يقولون إن حتى الأشجار نفسها يمكن أن تظهر كأشباح، وهناك عدد كبير من الشَّهادات المذكورة في كُتب الپاراسيكولوچي عن تلك التجسُّدات، منها مثلًا شجرة الصَّنوبر البيضاء الشهيرة في وِست بِلفري، ماين، التي قُطِعَت في عام 1842 بعد أن كانت شجرة شاهقة ضخمة، ذات لحاءٍ أبيض أملس لا يُشبه شيئًا رأته عينٌ من قبل، وأغصان بلون الفولاذ اللامع.



بعدها شُيِّدَ خان على التَّلِّ الذي كانت ترتفع الشجرة فوقه في السابق، ويُحكى عن بُقعةٍ باردةٍ ظلَّت موجودةً في أحد أركان غُرفة الطعام الصفراء، بُقعة تثير القشعريرة في الأجساد، لها قُطر جِذع شجرة الصَّنوبر البيضاء بالضبط. فوق غُرفة الطعام مباشرةً كانت غُرفة نومٍ صغيرة، لكن لا أحد من النُّزلاء كان يقبل قضاء الليل هناك، ومن حاوَل منهم قال بعد ذلك إن هبوب رياحٍ شبحيَّة عنيفة كان يُقاطِع نومه، وإنه سمع صوت حفيفٍ واطئ خفيف كأن الهواء يُحَرِّك الفروع العالية، فتتطاير الأوراق في الغُرفة وتتحرَّك الستائر، وفي الربيع تنزف الجدران نُسغًا.

وفي أحد أيام عام 1959 ظهرَت غابة شبحيَّة كاملة في كانانڤيل، پنسلڤانيا، مدَّة عشرين دقيقة، وهناك صُور لهذه الحادثة. كان مشروعًا جديدًا لإقامة حيٍّ كامل من المنازل العصريَّة ذات الطابق الواحد والطُّرق المُلتفَّة، واستيقظ السُّكَّان صباح يوم أحدٍ ليجدوا أنفسهم نائمين بين الحشائش والشجيرات التي بدت كأنها تنمو من قلب أرض غُرَف نومهم ذاتها، بينما تمايلَت النباتات المائيَّة والطحالب وانجرفَت في أحواض السِّباحة. امتدَّت الظاهرة إلى مركز تسوُّقٍ قريب، وامتلأ الطابق الأرضي بالعُلَّيق وتدلَّت الملابس من أغصان القيقب النرويجي، واستقرَّ سربٌ من العصافير فوق نافذة عرض المجوهرات، لتلتقط بمناقيرها اللآلئ والسلاسل الذهبيَّة.

أن تتخيَّل شبح شجرةٍ أسهل بشكلٍ ما من أن تتخيَّل شبح إنسان. فكِّر كيف تقف الشجرة في مكانها مئات السنين، تُتخِم نفسها بضوء الشمس وتمتصُّ النُّسغ من الأرض، تستمدُّ حياتها من التُّربة بلا تعب، كشخصٍ يملأ دلوًا من بئرٍ بلا قرار. جذور الشجرة المقطوعة تُواصِل الشُّرب من الأرض شهورًا بعد موت الشجرة ذاتها، وقد اعتادَت الحياة لدرجة أنها لا تستطيع التخلِّي عنها، فلا يُمكنك أن تتوقَّع بالطبع من الشيء الذي لم يعرف أنه كان حيًّا أصلًا أن يعرف أنه مات.

بعد أن رحلتِ -ليس في الحال، لكن بعد أن مرَّ صيفٌ كامل- قطعتُ الشجرة التي اعتدنا الجلوس تحتها على ملاءة أمك والقراءة، الشجرة التي غِبنا في النوم تحتها ذات مرَّةٍ ونحن نُصغي إلى أزيز النحل. كانت شجرة عتيقة تعفَّنت وانتشرَت فيها الحشرات، على الرغم من أن براعم جديدةً كانت تنمو على أغصانها كلَّ ربيع. قلتُ لنفسي إنني لا أريدها أن تتهاوى في يومٍ وتَسقُط على المنزل، رغم أنها لم تكن مائلةً نحوه حقًّا.

لكن أحيانًا، عندما أخرجُ إلى الفِناء الواسع المفتوح، تَهُبُّ الرِّيح وتَصرُخ وهي تَمضُغ ملابسي... وإني أتسائلُ، ما الذي يَصرُخ معها أيضًا؟

من المجموعة القصصيَّة Twentieth Century Ghosts

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقتطف من ترجمة غير منشورة لـ«سيِّد الخواتم»

چ. ر. ر. تولكين، «سيِّد الخواتم: رفقة الخاتم» واصَلوا الحركة، ولم يمضِ وقت طويل حتى تكلَّم جيملي، الذي يملك عينيْن ثاقبتيْن في ا...