السبت، 17 نوفمبر 2018

كيف يفقد العالم لُغة جديدة كل أسبوعين


   آدم چاكو دو بوينو
   ترجمة: هشام فهمي


أكبر 11 لُغة في العالم هي -بالترتيب- الصينيَّة، الإنجليزيَّة، الهنديَّة/الأورديَّة، الإسپانيَّة، العربيَّة، البرتغاليَّة، الروسيَّة، البنغاليَّة، اليابانيَّة، الألمانيَّة، الفرنسيَّة.

تُشَكِّل هذه اللُّغات معًا نحو نِصف ما يتكلَّمه سُكَّان العالم، لكن الحقيقة أن أغلبيَّة اللُّغات على سطح الكوكب تتكلَّمها شعوب ذات تعداد سُكَّان قليل نسبيًّا، بينما يتكلَّم 96 في المئة من شعوب العالم نحو 4 في المئة فقط من إجمالي اللُّغات.

تضمُّ دولتان فقط رُبع لُغات العالم، هما بابوا غينيا الجديدة بأكثر من 850 لُغة، وإندونيسيا بنحو 670. ومن حيث القارَّات، فإن شمال ووسط وجنوب أمريكا يحوون معًا 15 في المئة من لُغات العالم (نحو ألف لُغة)، بينما تتكلَّم إفريقيا 30 في المئة، وآسيا أكثر من 30 في المئة بقليل، ومنطقة المحيط الهادي أقل من 20 في المئة. أوروپا هي أقل القارَّات تنوُّعًا من حيث اللُّغات، إذ تضمُّ 3 في المئة فقط من مجموع لُغات العالم.

ثمَّة تداخُلات وروابط بين لُغاتٍ كثيرة، على أن بعضها صار معزولًا مع اختفاء اللُّغات المعروفة الشبيهة بها. على سبيل المثال، فإن اللُّغة الباسكيَّة (الإيوسكارا، لغة إقليم الباسك الذين يسكنون شمال إسپانيا والمنطقة المجاورة جنوب غرب فرنسا) لا تحمل أيَّ شبهٍ بلُغات المناطق المتاخمة لها.

لا تتغيَّر الكلمات ودلالاتها دائمًا وأبدًا فقط، بل تتغيَّر اللُّغات أيضًا، بعضها إلى حدِّ الانقراض التام، ففي المتوسِّط، تذوي إلى الأبد كلَّ أسبوعين لُغة جديدة من مجموع لُغات العالم الموجودة حاليًّا، والذي يُقدَّر بـ6800 لُغة. لكن على الرغم من اختفاء بعض اللُّغات من على الألسنة، وفي عالمٍ غير مُطَّلعٍ على لُغات القدماء وغارِق في الإنجليزيَّة وحدها، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن من المستحيل الحفاظ على حياة اللُّغات المُعرَّضة لخطر الاختفاء. 

التحرُّك الحكومي القوي سيكون بمثابة قوَّة يتلخَّص عملها في إعادة إحياء اللُّغات القديمة. السياسة القوميَّة في أيرلندا مثلًا ساعدت على إعادة اللُّغة الأيرلنديَّة من غياهب السِّلتيَّة، بينما حوَّل تأسيس دولة إسرائيل العبريَّة من مجرَّد لُغةٍ مكتوبة إلى لُغةٍ رسميَّة يتكلَّمها أصحابها بفخر. وفي أماكن أخرى عادت اللُّغة الولزيَّة واللُّغة الماوريَّة (لُغة سُكَّان نيوزيلندا الأصليين) بمساعَدةٍ رسميَّة مُنظَّمة، وهذا بالإضافة إلى لُغة الناڤاهو ولُغة هاواي، والعديد من اللُّغات المُستخدَمة في مناطقٍ نائية في بتسوانا. 

استطاعت أيسلندا الحفاظ على حياة لغتها الأم، على الرغم من أن 275 ألف نسمةٍ فقط يتكلَّمونها، بينما نجحت الحكومة الدانمركيَّة في إنقاذ اللُّغة النورديَّة القديمة (وهي واحدة من اللُّغات الچرمانيَّة الشماليَّة) من الانقراض، والطريف أن الحكومة الدانمركيَّة دعمت المشروع إلى حدِّ وضع معلوماتٍ عن قواعد النورديَّة النحويَّة وإعراب الأفعال على علب الحليب.
------

نُشر في جريدة The Independent في 24 أكتوبر 2014 

آدم چاكو دو بوينو، عالم لُغات متخصِّص في اللُّغات النادرة وغير المعروفة، أصدر حتى الآن ثلاثة كتب قيِّمة تناقش هذا الموضوع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقتطف من ترجمة غير منشورة لـ«سيِّد الخواتم»

چ. ر. ر. تولكين، «سيِّد الخواتم: رفقة الخاتم» واصَلوا الحركة، ولم يمضِ وقت طويل حتى تكلَّم جيملي، الذي يملك عينيْن ثاقبتيْن في ا...