عن
فيلم «500 Days of Summer»، بقلم مؤلِّفه
وبطل قِصَّته الحقيقيَّة سكوت نيوستاتر
تحتوي
تترات البداية في فيلمي على إخلاء الطرف القانوني التقليدي الذي ينص على أن «أيَّ تشابُهٍ
مع شخصيَّةٍ حيَّة أو ميِّتة يُعَد من باب الصُّدفة»، إلا أنه يضيف بعدها: «بالذات
أنت يا چيني بكمان.. أيتها الحقيرة».
بالطبع
يقول لك هذا الكثير عن مشاعري عندما قرَّرت هي إنهاء علاقة أردتُ بكل جوارحي -وإلى
حدٍّ مثير للشفقة- أن تنجح، وهذا على الرغم من أنها كانت ترى دومًا، وبوضوح، أن لا
مستقبل لنا معًا (هناك الكثير من الجدل على الإنترنت عما إذا كان هذا اسمها الحقيقي،
لكني لن أفصح).
كنتُ
قد رأيتها للمرَّة الأولى على الجانب الآخر من غُرفة في أكتوبر عام 2002، عندما التحقتُ
بكلية الاقتصاد في لندن للحصول على درجة البكالوريوس في الإعلام والاتِّصالات، وعلى
الفور تقريبًا خطرت لي فكرتان: الأولى أنني وجدتُ فيها بالفعل ما كنتُ أبحث عنه بالضبط،
والثانية أن النهاية ستكون سيِّئة إلى أقصى حد.
كنتُ
وقتها أعاني بقايا علاقةٍ سابقة انتهت قبل شهور في نيويورك، عندما كنت أعمل لحساب شركة
إنتاج سينمائي. كنت معتزلًا العالم مُحاطًا بالكآبة. لا بُدَّ أنك تعرف هذا الموقف
جيدًا: الليالي بلا نوم، وأيام طويلة أقضيها في مُشاهَدة الأفلام السويديَّة وسماع
الموسيقا بلا توقُّف.
لكن
اكتئابي تلاشى عندما التقيتُ هذه الفتاة في لندن، وامتلأ قلبي بالحُب، وشعرتُ كأن يدًا
إلهيَّة هي صاحِبة كلِّ هذا. بدأنا نتكلَّم، ووجدنا أن لدينا الذوق نفسه في الكُتُب
والموسيقا، وخطر لي أن لهذا دلالة ما لا ريب، أليس كذلك؟
كنت
غارِقًا في الحُبِّ حتى الثُّمالة، لكني لم أخبرها بأيِّ شيء، فهي لم تُبدِ أيَّ لمحة
اهتمام بي على الإطلاق. على أنني أخبرتُ كلَّ من عداها من الأصدقاء المشتركين تقريبًا،
ومن ثم أخبرها أحدهم بالحقيقة في حفلٍ ما، وأفضى هذا إلى تمشيةٍ غير مريحة معها إلى
محطة الأتوبيس، لكن كلَّ شيءٍ تغيَّر عندما قبَّلتني في نهاية الطريق.
ثم
إننا قرَّرنا -في الواقع قرَّرت هي- ألا نضع تسميةً بعينها لعلاقتنا، لا صاحب وصاحبة
أو أيَّ شيءٍ من هذا. المسمَّيات تعني الاستحواذ، وهذه الفتاة كانت سيِّدة نفسها. لم
أمانع، فمن يبالي بالمسمَّى الذي نُطلِقه على نفسينا ما دامت معي؟
اعتبرتُ
الموقف عصريًّا ثقافيًّا.. إلى آخره من الأشياء التي خالفت الواقع تمامًا من ارتباكٍ
وحيرةٍ وعُزلة. بعض أيامنا معًا كان رائعًا لا شك، وما زالت لديَّ ذكريات جميلة عنا
ونحن نحتسي النبيذ ونُشاهِد العروض الموسيقية ونختلس القُبُلات في المصاعد، أما معظم
الأيام الأخرى فكان شنيعًا إلى درجةٍ يصعب نسيانها؛ وفي النهاية أفصحت هي عما كنت أعرفه
طوال الوقت في أعماق قلبي، أن ذلك الشيء، ذلك الذي بيننا أيًّا كان، لن ينجح بأيِّ
شكلٍ من الأشكال.
هكذا
عدتُ إلى الولايات لأجد نفسي من جديد في دوَّامة الأفلام السويديَّة والموسيقا.
قُلتُ
لنفسي إن الحكاية كلها كانت خطأ كبيرًا. يد إلهية؟ يا للهراء!
كان
صديقي مايكل هـ. وِبَر قد بلغ به الملل أقصاه بالطبع من اكتئابي، فقرَّرنا تحويل هذه
المشاعر إلى شيءٍ ذي قيمة، أي إلى نصٍّ سينمائي. طبعًا عِشتُ كلَّ لحظةٍ مؤلمة وغير
مؤلمة من حُبِّي الذي كان أحادي الطرف من جديد، لكن التجربة كانت مُطهِّرة للنفس، والنتيجة
كانت فيلمًا لا بأس به على الإطلاق، وهو ما صدمنا في الحقيقة!
يحكي
الفيلم القِصَّة كما حدثت بالضبط، حتى عندما صوَّرني مُخلِصًا كالكلاب وصوَّرها غير
مبالية بأيِّ شيء. يختلف مكان الأحداث في الفيلم عن الواقع، بالإضافة إلى الأسماء كذلك،
فتوم هانسن -أنا!- لعب دوره چوزيف جوردون-ليڤيت الذي يكتب الرسائل على البطاقات البريديَّة،
والفتاة التي حطمَّت قلبه -سمر- هي زوي ديشانل التي تعمل سكرتيرة في المكتب نفسه. على
أن شيئًا لم يتغيَّر إطلاقًا في النهاية التي لن أحرقها على من لم يُشاهِد الفيلم،
بل سأكتفي بأن أقول إنه لم تكن هناك نهاية سعيدة لقِصَّة توم وسمر، تمامًا كنهاية قِصَّتي
مع چيني بكمان.
لقد
استطعتُ بفضل هذا السيناريو وعمليَّة كتابته تحرير نفسي من البؤس الذي أغرقني، وها
أنا ذا قد مرَّ عليَّ عامان في علاقةٍ أخرى تُشعِرني بسعادةٍ لم أعرفها من قبل أبدًا.
فقط
ثمَّة ملاحَظة أخيرة مثيرة للاهتمام: بعد كتابة السيناريو التقيت بچيني للمرَّة الأولى
والوحيدة بعد انفصالنا. يومها تناولنا العشاء في مطعم في كاليفورنيا، وتكلَّمنا عن
الحياة والأصدقاء وخلافه، عن كلِّ شيءٍ سوى ما حدث بيننا.
يومها
أعطيتها السيناريو لتقرأه على متن الطائرة وهي عائدة إلى لندن، وبعد فترةٍ كتبت لي
رسالة تقول إنها أحبت القِصَّة حقًّا، وإن الأحداث فاجأتها ومسَّتها لأنها ارتبطت بشخصيَّة
توم بشِدَّة.
نعم،
الحقيقة أن چيني الحقيقيَّة لم تُدرِك أنها وسمر شخصيَّة واحدة على الإطلاق!
لكنه كان فيلما رائعا على كل حال
ردحذف