الموسم
الأخير، الحلقة الثالثة، «The Long Night»
لوقت
طويل ما كنتش فاهم ولا مهتم بالانقسام الكبير في القاعدة الجماهيرية لـ«Star Wars» بعد «The
Last Jedi».
عن
نفسي شايفه فيلم جيِّد ومسلِّي والتمثيل فيه قوي، وإن كان مليان ثغرات في الحبكة
تعدِّي قطيع أفيال الجماعة الذهبيَّة، وفيه مشاهد كان ممكن الاستغناء عنها بسهولة من
غير ما تتغيَّر حاجة في القصة. «Star Wars» لمن لا يعلم أكبر من «Game of Thrones» عشرات المرَّات، لكن على عكس قطاع عريض من قاعدتها الجماهيرية،
اتفرَّجت على السلسلة متأخَّر وعجبتني حاجات كتير جدًّا فيها، وفيه حاجات شوفتها
في منتهى السخافة. زي أي فيلم أو مسلسل يعني. ما كنتش زيهم مهتم ومتابع من
البداية، ففضلت بعيد عن الخناقات العاصفة اللي دارت على الإنترنت بين أغلبيَّة
بتكره الفيلم وشايفة إنه دمَّر السلسلة، وأقليَّة شايفة الفيلم جيِّد جدًّا،
وأقليَّة أقل زي حالي كده.
لكن
أول حاجة جات على بالي بعد الحلقة الثالثة هي الحالة الغريبة اللي خلقها «The Last Jedi»، مش بس في التشابه العام مع حالة
«Game of Thrones»، لأني كنت
متأكد بمجرَّد نزول تترات النهاية، وقبل ما أفتح الإنترنت، إن هيكون فيه انقسام
على الحلقة دي. السبب الثاني إن فيه مشاهد بعينها في الحلقة فكَّرتني بالفيلم. فيه
شخصيَّة بتُلقى عليها قوَّة نارية هائلة، وبمجرَّد انطفاء النار يتَّضح إنها سليمة
تمامًا، وحتى رد فعلها شبيه برد فعل ملك الليل. فيه شخصيَّة بتموت بنفس الحركة
تقريبًا اللي مات بيها ملك الليل. العدو الأكبر بيموت قرب أواخر الفيلم الثاني من
ثلاثية فجأة دون إجابة عن الأسئلة اللي مثارة عنه من الجزء الأول. شخصيَّة
رئيسيَّة مهمَّة موجودة من أول فيلم في السلسلة كان دورها مهمَّش تمامًا وما قامتش
بأي حاجة مفيدة تقريبًا. استراتيچية عسكرية ما فيهاش منطق ولا استراتيچية.
الكلام
ده مألوف؟
وبعد
كده تفتح الإنترنت تلاقي رايان چونسون مخرج الفيلم كاتب تويتة بيسخر فيها من
محبِّي المسلسل اللي ما عجبتهمش النهاية.
وتفتكر
إن ديڤيد بنيوف ودان وايس متفقين مع ديزني بالفعل إنهم يكتبوا ثلاثية جديدة لـ«Star Wars» بالتعاون مع رايان چونسون.
وتفهم
دلوقت ليه عشَّاق «Star Wars» الأصليِّين
بيكرهوا «The Last Jedi»، لأن رغم
كونه في حد ذاته فيلم جيِّد، لكن في السياق العام للسلسلة بيخالف كل حاجة مبنيَّة
تقريبًا، وهو ما وصفه چونسون بـ«الإطاحة بالتوقُّعات»، وهو الشيء اللي من حيث
المبدأ ما عنديش مشكلة معاه، بل بحبِّذه، لأني بحب أتفاجئ، لكن فقط لمَّا يبقى
متقدِّم بشكل متَّسق مع القصَّة العامَّة، مع البناء والتلميحات والإسقاطات
والتمهيد، ولمَّا ترجع له تحس إنه فعلًا تطوُّر طبيعي للقصَّة مش دخيل عليها.
الإطاحة بالتوقُّعات لمجرَّد المفاجأة حيلة رخيصة مش بيلجأ ليها إلا كاتب ضعيف أو
كاتب زنق نفسه في ركن ومش عارف يخرج منه.
توقُّعاتنا
أطيح بيها لمَّا ند ستارك مات، ولمَّا روب وكاتلين ستارك ماتوا، ولمَّا أوبرين
مارتل مات، وچوفري، وتايوين، وستانيس، وچون سنو، ولمَّا تسترجع كل ده هتلاقيه
متَّسق تمامًا مع القصَّة وممهَّد له ورغم ذلك فاجئ الجميع.
مشاعري
ناحية الحلقة زي مشاعري ناحية «The Last Jedi». في حد ذاتها حلقة جيِّدة لا تخلو من عيوب، لكن لمَّا تحطَّها في
السياق العام للمسلسل فهي حلقة متوسِّطة المستوى على الأكثر، فلو ما كنتش اكتفيت
من التحليلات اللي مغرَّقة الإنترنت سواء بالسلب أو الإيجاب، ولو ما عندكش مشكلة
تقرأ كلام مكرَّر -لأني أكيد مش هكون أول واحد بيقوله- ولو ما كنتش من شريحة
المشاهدين اللي بتقول إن ما دام العمل فانتازيا فالمفروض ما أدوَّرش على منطق (ودي
إهانة للفانتازيا)، فهحاول أختصر الكام نقطة اللي عندي.
الحلقة
حلوة في إن:
-
التليفزيون وسيط بصري بالأساس، يعني في حلقة زي دي تحديدًا الاعتماد على حكاية
القصَّة بالصورة أكثر من الحوار، وده نجحوا فيه تمامًا. الحوار في الحلقة قليل
جدًّا، والباقي كله محكي بالصورة ببراعة.
-
ما فيهاش لحظة مملَّة.
-
فيها مجموعة لقطات عبقريَّة وفي غاية الجمال، أظن معظمنا إن لم يكن كلنا حتى اللي
كاره الحلقة متَّفق عليها.
-
الموسيقى كالعادة (ولو إني شخصيًّا رغم جمال المقطوعة الأخيرة حسِّيت كأن چاوادي
كاتبها لـ«Westworld»).
-
بناء التوتُّر والترقُّب معمول بإتقان شديد من أول لحظة خلال العشر دقائق الأولى
تحديدًا، وفي الدقائق الأخيرة كمان.
-
التلاعب بالمشاهد وإعطاؤه إحساس بالأمل، زي مشهد إشعال الأراخات، أو دخول
التنانين، أو اشتعال الخندق، وبعدين إخماد الأمل مع النار.
- أسلوب قتال المطهَّرين وصمودهم مخلص جدًّا للروايات.
-
شخصيَّات عادةً شُجاعة بتفقد شجاعتها في مواجهة الخطر الرهيب، زي ساندور وآريا،
وحتى سام اللي كان تغلَّب على خوفه.
لكن
للأسف ده كل اللي عاجبني فيها.
العيوب
اللي شايفها عن نفسي قد تتَّفق أو تختلف مع غيري، لكن هي أكثر حاجات عندي مشاكل
معاها:
-
جوست
بيعمل
إيه على خط الهجوم الأول؟ إيه اللي ممكن يضيفه ذئب هنا؟ هيعض الموتى؟ فاكرين سَمر
مات إزاي؟ إزاي چون يسيبه يموت في موجة الهجوم الأولى؟ طبعًا هو ما ماتش وده أغرب،
لكن على الأقل ما ماتش off-screen. ليه جوست
ما يكونش في السراديب بيحمي سانزا أو حتى في أيكة الآلهة بيساعد على حماية بران؟ روب
ستارك كان بيخلِّي جراي ويند يحارب معاه لأنه عنصر قوي في إيقاع الرعب في قلب
العدو، لكن العدو اللي بيواجهوه المرَّة دي ما يعرفش الخوف!
-
خطة الدفاع
أقول
إيه عن خطة الدفاع؟ أنا من إمتى خبير عسكري بيفهم في استراتيچيات القتال في العصور
الوسطى؟ أنا مش كده، بس أظن إني ترجمت ما يكفي من المعارك اللي من النوع ده، ورجعت
لكتب تاريخ لترجمة المعارك دي، فعندي على الأقل معرفة عامَّة بأساليب القتال
وأساسيَّات المعارك والحصار.
من
الأساسيَّات دي إنك لو في قلعة فالقلعة أهم دفاع عندك. حُط أكبر عدد ممكن من
الرُّماة على الأسوار، وخلِّيهم يتبادلوا الضَّرب علشان تكون فيه فرصة للراحة. في
الحالة دي قبل ما العدو يوصل لك هتكون أصبت عدد لا بأس بيه منه. السهام النارية في
عالم الواقع عديمة الفائدة وبتنطفي في الحال تقريبًا وقلما بتسبِّب ضرر (وهم كانوا
مخلصين في الجزء ده)، لكن لحسن الحظ إن العدو اللي بيهاجمك بيموت بالنار. اللي
شوفناه في الحلقة عدد قليل من الرُّماة، مع إن الدوثراكي نفسهم بينهم رُماة كتير،
ده غير إن أي حد يعرف يمسك قوس ممكن يقوم بالمهمَّة دي. خليك فاكر إن عندك قلعة
أسوارها عالية، والقلعة واضح تمامًا إن كان فيها مساحات كافية تضم أعداد أكبر.
لو
هتحفر خندق احفره على مسافة واسعة تضم جيشك واملاه بالخوازيق. في الحالة دي جيش
الموتى هيفقد عدد كبير منه مع موجة الهجوم الأولى، وهيقل التدافع وهياخدوا فترة
على بال ما يعرفوا يعدُّوا بينما رُماتك طول الوقت بيمطروهم بالسهام. الرُّماة
ممكن يكونوا خارج القلعة ورا خط المشاة على فكرة. وآه، ما فيش حد بيحط المجانيق
بتاعته أمام خط المشاة الأول. المنجنيق بيكون داخل القلعة وبيضرب باستمرار ما دام
رجالك مش في مرماه، أو على الأقل ورا المشاة. كل اللي شوفناه المجانيق بتضرب مرَّة
أو مرِّتين وبعدها أصبحت بلا فائدة.
الغرض
الأساسي من الهجمة الأولى لسلاح الفرسان في أي معركة هي إيقاع الصدمة في قلب العدو
وتشتيت صفوفه الأولى، ده لو كان سلاح فرسان بخيول ثقيلة، يعني الفارس والفرس
مدرَّعين، والفارس بيقاتل بسيف طويل أو رمح. لو سلاح فرسان بخيول خفيفة زي
الدوثراكي، ما ينفعش يهجموا من غير دعم المشاة. ثم كانت إيه الخطة قبل ما
مليساندرا تظهر من العدم (كان مشهد cool رغم ذلك) وتولَّع النار في الأراخات؟ إن الدوثراكي يهجموا
بأسلحتهم العادية اللي هي حديد أو فولاذ؟ مين العبقري اللي بعتهم في الهجمة
الانتحارية دي؟ ما طبيعي يُكتسحوا في ثواني. مفهوم إن الدوثراكي قوَّة هجوم أصلًا
لأنهم غزاة ومتعوِّدين على الهجوم مش الدفاع، لكن ليه تضحِّي بيهم كلهم مرَّة
واحدة؟ ما هو تايوين لانستر ما خلِّفش. بفرض إن داني ملهاش في التكتيك العسكري وچون
غبي، لا چايمي ولا تيريون انتبهوا لغباء الحركة؟ ولا حد فيهم قال إن المفروض
ينتظروا الموتى يهجموا بجيث يصدُّهم المطهَّرين بالتُّروس من القلب ويكر عليهم
الدوثراكي من الميمنة والميسرة؟ مين اللي يبعت جيش كامل يواجه عدو مش شايفه من غير
سلاح فعَّال؟!
لمَّا
إحنا المشاهدين العاديِّين نقول الكلام ده، HBO مش عارفة تجيب مستشار عسكري يوجِّه المعارك؟ ده تهريج!
ديڤيد ودان وناس تانية بتقول إن دنيرس خالفت الخطة. فعلًا؟ يعني كان المفروض تسيب الطوفان يكتسح الأحياء من غير ما تتدخَّل؟
-
الإضاءة والمونتاچ.
ما
فيش شك إن الصورة كانت ضلمة، ولمَّا الشكوى تكون عالميَّة فالعيب في مدير الإضاءة.
هبل إنه يقول للناس إنهم مش بيعرفوا يضبطوا تليفزيوناتهم. المسلسل طول عمره ضلمة
لكن مش بالشكل ده. قبل كده شوفنا معركتين ليليتين بوضوح تام. أنا نفسي عندي
تليفزيون حديث جدًّا واتفرَّجت على نسخة مساحتها كبيرة وكانت عندي نفس المشكلة،
ولمَّا رفعت الـbrightness الصورة أصبحت سيئة رغم الوضوح.
إلى حدٍّ ما متفهِّم الإحساس اللي كان المخرج عايز يوصَّله للمشاهد، وإنه يحطُّه
في نفس جو الفوضى والاضطراب اللي فيه الشخصيَّات، لكن مش متَّفق مع الاختيار لأن
ده كان ممكن برضه بصورة أوضح شويَّة. طبعًا السبب الأهم إن التصوير الليلي بيداري
عيوب كتير في الـCGI والصُّور اللي الـrendering بتاعها ما اكتملش.
تكنيك
الكاميرا المهزوزة ما حدِّش في هوليوود عرف يستخدمه صح إلا قلائل من وقت ما قدِّمه
پول جرينجراس في أفلام «Bourne»، وهنا
خلَّا الواحد كتير ما يعرفش إيه اللي بيحصل أو مين أصلًا اللي على الشاشة.
المونتاچ
أسوأ حاجة تقنيَّة في الحلقة دي. كام مرَّة تكون شخصيَّة في خطر شديد والموتى
متكدِّسين عليها والمشهد يقطع ولمَّا نرجع للشخصيَّة تكون تمام وما حصلَّهاش حاجة؟
آه، وبالمناسبة دي، كام كام مرَّة تكون شخصيَّة في خطر شديد والموتى متكدِّسين
عليها وحد ينقذها على آخر لحظة؟ بالمنظر ده قتلوا التعطيل الإرادي لعدم التصديق
عندي، لأني خلاص ما عدتش خايف على الشخصيَّة، لأني متأكِّد إن لمَّا نرجع لها هتكون
تمام. مرَّة أو مرِّتين كفاية، لكن كام مرَّة شوفنا سام على الأرض وسط الجثث
بيعيَّط وبيحاول يدافع عن نفسه؟ كام مرَّة بِريان تقع وتختفي وسط الجثث الحية
وينقذها چايمي والعكس؟ وپودريك؟ وتورموند؟ وجندري؟
-
وده ينقلنا للسبب اللي غايظ ناس كتير وأنا منهم، إن كذا شخصيَّة كان المفروض تموت وما
حصلش. فاكرين لمَّا الموت كان ليه معنى في المسلسل؟ ولمَّا الشخصيَّات الأساسية
كانت بتموت؟ إحنا كنا مهيَّئين نفسيًّا بعد الحلقة الثانية. دلوقت الحلقة الثانية
أصبحت بدون معنى. چورا مش شخصيَّة رئيسيَّة، ولا مليساندرا، ولا بريك دونداريون.
كلهم شخصيات صف تاني. يعني والدر فراي قتل شخصيات صف أول أكتر من ملك الليل. مع
ذلك مشهد موت ثيون كان مؤثِّر، ومشهد چورا رغم إنه كان داخل القلعة وظهر ينقذ
دنيرس من اللا مكان، والسخرية الشعرية هنا إنه دافع عن دنيرس بسيف راندل تارلي.
وداڤوس كان فين طول المعركة؟ ولا لقطة ظهر بيقاتل فيها وهو مقاتل سيئ باعترافه.
أنا بحب داڤوس جدًّا لكن كان المفروض يموت.
-
زي ما توقَّع كتير، ملك الليل قوِّم الجثث اللي في السراديب... واتَّضح بالفعل إن
السراديب أكثر مكان آمن في القلعة، لأن ما حصلش حاجة تقريبًا. على كل حال مش
متوقَّع من جثث مدفونة بدون أسلحة ومر عليها سنين إنها تعمل أذى كبير، لكن ليه ما
استغلُّوش الفرصة في إن حد من عيلة سانزا مثلًا يحاول يقتلها؟ بلاش ند (وليه مقبرة
ند فضلت سليمة؟ يمكن لأنه مات بالفولاذ الڤاليري أصلًا). لكن ليه مش ريكون (اللي مقبرته برضه فضلت سليمة)؟ تخيَّل مشاعر سانزا
وهي بتواجه جثة أخوها الصغير اللي تخلِّت عن الأمل في إنقاذه وضحِّت بيه. في
السياق ده، الشخصيات اللي نعرفها وماتت، ليه ما استغلُّوش فرصة نشوفها بتقتل
البشر؟ ليانا وإد وبريك، لو ده حصل كان هيبقى قاسي ومؤلم لكن بيعزِّز فكرة الرعب.
بالمناسبة،
أول جثة قامت في السراديب افتكرتها المِايستر لوين، لكن افتكرت بعدها إنه مات في
أيكة الآلهة، وما ظنش حد من جنود بولتون كلِّف خاطره يدفنه في السراديب.
ولمَّا
الجثث قامت في المكان المغلق على ساندور ومليساندرا بعد ما آريا سابتهم؟ دول كانوا
عشرات.
-
بران ما عملش أي حاجة، لكن أنا في الحقيقة مش عارف أفكَّر في حاجة كان ممكن
يعملها، ما لم يكن چون انتظر معاه لحد ما يقول له إن ملك الليل جاي من البقعة
الفلانية. طبعًا انتظرت إن محور قصته كلها يكون ليه لازمة ويدِّينا أي معلومة
مفيدة، لكن ده طبعًا ما حصلش. رحلة بران كلها كان الغرض منها يكون هارد دسك
متخزِّن عليه معلومات.
-
النقطة قبل الأخيرة من أكبر نقطتين محل جدل: هل كان المفروض آريا هي اللي تقتل ملك
الليل؟
ناس
كتير بتقول إن مشكلتها إن آريا اللي قتلته، وإنما الطريقة اللي قتلته بيها. طبعًا
وعندهم حق. سخافة إن آريا فجأة تعرف تتخطَّى كل الجحافل اللي غزت القلعة وتوصل
أيكة الآلهة. سخافة إن آريا تعرف تتجاوز بمعجزةٍ ما حلقة الوايت ووكرز والجثث اللي
محيطة ببران وتنقض على ملك الليل من اللا مكان. كان ممكن على الأقل تكون مستخبيَّة
فوق الشجرة. كان ممكن تدريبها مع عديمي الوجوه تكون ليه فايدة حقيقيَّة هنا. سخافة
إن الكتَّاب -باعترافهم- يقولوا إنهم قرَّروا من 3 سنين بس إنها آريا، وبالشكل ده
يغيَّروا بأثر رجعي سياق كلام اتقال في الموسم الثالث. حتى ترتيب ألوان العيون كان
غلط! المرة دي أصبح الأزرق في الآخر علشان الوقع الدرامي وبس، في حين كانت نبوءة
مليساندرا في وقتها تخص قائمة آريا فقط.
لكن
أنا عندي مشكلة في إن آريا اللي قتلته. بالأحرى، إنها قتلته لوحدها. كان هيبقى
أروع أد إيه لو كان مجهود جماعي؟ أولًا فرصة عظيمة نشوف فيها چون وآريا بيقاتلوا
جنبًا إلى جنب. ثانيًا ده يخلِّي ملك الليل مخيف أكثر. ثالثًا على الأقل هيكون فيه
نوع من المواجهة الأخيرة بينه وبين چون بعد مواجهة النظرات اللي هيَّأتنا لده من
سنين وخلَّانا ننتظره.
بالمناسبة،
كون الفولاذ الڤاليري هو القادر على قتل ملك الليل بينما نيران التنِّين لأ مش
شايف فيه مشكلة. إحنا عارفين من قبل كده إن ملك الليل قادر على إخماد النار
العادية ونار التنانين، وما فيش حاجة بتقول إنه مش مضاد لنار التنانين، خصوصًا إن
الأوبسيديان اللي في قلبه ما هو إلا نار مجمَّدة، يعني هو حي بسبب النار، بينما ما
فيش حاجة بتقول بشكل قاطع إن التنانين ليها دخل في تشكيل الفولاذ الڤاليري. مشكلتي
إن الكتَّاب بيقولوا إنها ضربته في نفس الموضع، بينما باين يوضوح إنها ضربته في
المعدة. يعني حتى مش فاكرين اللي كتبتوه.
فيه
لقطة طريفة، إن آريا أصلًا عسراء، وبتظهر دايمًا ماسكة سلاحها بالشمال، وفي
النهاية بتقتل ملك الليل باليمين.
-
النقطة الأخيرة محل الجدل هي الدهشة من القضاء على ملك الليل بالسهولة دي، والرد
بإن المسلسل أصلًا سياسي وما إلى ذلك. طيِّب، رأيي إنهم زنقوا نفسهم في ركن في
الكتابة. لو ما كانش ملك الليل مات هنا فمعنى كده إن المسلسل انتهى، أو على الأقل
المواجهة الأخيرة هتكون بينه وبين سرسي دون كل الناس. فيه ناس كانت متوقِّعة ده
يحصل بالمناسبة. لكن طبعًا دراميًّا عبث إن كل اللي في وينترفل يموتوا في المعركة
وتنتهي قصتهم على كده.
الفكرة
إنك بتحذَّر من أول مشهد في أول موسم من الخطر العظيم، والبناء مستمر ليه على مر
السنين، فلمَّا ينتهي في حلقة واحدة وبعد معركة واحدة، دي خيبة أمل كبيرة. من أول
حلقة بنسمع إن الشتاء قادم، لكن الحقيقة إن الشتاء أطاح بقلعتين صغيرين فيهم عدد
محدود من البشر، واتهزم عند القلعة الثالثة وبس (بتكلِّم هنا عن الشتاء المجازي مش
الفعلي). الخطر اللي المفروض كان عالمي -مع إنه عمليًّا خطر على وستروس بس- بدأ
وانتهى في الشمال، أمَّا الجنوبيِّين فما اختبروهوش بأي شكل ولا اتأثَّروا بيه ولا
عنوا بسببه وهيفضل بالنسبة لهم مجرَّد أسطورة. سرسي اللي مدركة الخطر وتجاهلته
علشان مصلحتها الخاصَّة مش هتحتك بالخطر ده نهائي ولا تشوف فداحته بعينها. الموتى
كان آخرهم في وينترفل، لا هزموا البشر واستطاع البشر ينسحبوا جنوبًا أو لجُزر
الحديد أو حتى دراجونستون، ولا هدِّدوا أي قلعة بعد وينترفل إطلاقًا، ولا فيه ذروة
في كينجز لاندنج يكون البشر على أحزابهم كلهم أطراف فيها، بحيث الخيوط الدراميَّة
كلها تتجمَّع مع بعضها، الخير والشر والموت. ده اللي كنت أحب أشوفه.
أمَّا
كون المسلسل أصلًا اسمه «لعبة العروش» والصراع الأساسي فيه على العرش؟ لو الكتَّاب
مش مدركين إن الرسالة إن العرش مش مهم، إن كل ده كلام فارغ مقارنةً بالخطر اللي
بيهدِّد الجميع، فأنا مش عارف بيكتبوا ليه. لو نسيوا اللي قالته مليساندرا عن إن
حرب الملوك الخمسة ما لهاش قيمة مقارنةً بخطر الموتى، وزيها حرب الملكتين دلوقت،
فأنا مش عارف بيكتبوا ليه. دلوقت هنرجع تاني للصراع الأقل إثارة للاهتمام، الصراع
التافه على الحكم اللي هو عكس كل حاجة ذات قيمة المفروض نستنتجها من المسلسل. وليه
أهتم بمصاير ناس مجرَّد ما انتهت الحرب الأهم مصرَّة تسعى في حروب تافهة؟ الحرب
الأخيرة؟ فعلًا؟ يعني ما حدِّش اتعلِّم حاجة؟ فيه حاجة اسمها الحرب الأخيرة؟
من
الأمانة هنا إني أقول إن ده قد يكون اللي هيعمله مارتن في الكتاب الأخير -لو كتبه-
لأنه ذكر قبل كده كتير تأثير تولكين عليه، واختص بالكلام إعجابه بالفصل الأخير في «سيِّد
الخواتم» اللي اسمه «The Scouring of the Shire»، اللي بيرجع فيه الهوبيت بلدهم بعد الانتصار على ساورون،
وبيلاقوها محتلَّة من سارومان والأورك وبيقاتلوهم. قال إنه لما قرأ الرواية أول
مرة وهو عنده 13 سنة ما استوعبش سبب وجود فصل زي ده، لكن لما كبر أدرك عبقريَّته.
ربما حاجة زي دي هتحصل، لكن لاحظ الفرق بين تطهير وطن من عدو والقتال على عرش.
وبخصوص
كون نبوءة الأمير الموعود طلعت أي كلام (ما فيش آزور آهاي في المسلسل)، فده حقيقةً
متَّسق مع رؤية مارتن للنبوءة بشكل عام، وإنها شيء حمَّال أوجه وخدَّاع. كم جريمة
ارتكبتها مليساندرا علشان تحقَّق النبوءة؟ وستانيس وسيليس؟ وكام مرَّة كانت
غلطانة؟ أنا راضي عن ده تمامًا. ممكن نقول إنه چون لأنه رجع من الموت ووحِّد
الصفوف إلخ... وده برضه راضي عنه. ما فيش حاجة في النبوءة بتقول بشكل خاص على
العموم إن الأمير الموعود هيقتل بنفسه قائد الأعداء.
حاجات
كنت عايز أشوفها بشكل شخصي:
-
جحافل الدوثراكي الموتى تظهر ولو في مشهد سريع لحظة ما ملك الليل رفع إيده.
-
حوار قصير أخير بين مليساندرا وداڤوس قبل ما تموت.
-
چون كان على الأقل يقتل التنِّين بالفولاذ
الڤاليري بدل ما يصرخ في وشُّه! طبعًا نقطة التنِّين دي الكتَّاب بيناقضوا نفسهم
فيها زي ما عملوا كتير قبل كده (راجع الوايتس بيعوموا ولا لأ)، لمَّا قالوا قبل
كده إن التنِّين وايت ووكر علشان ملك الليل حوِّله بإيده، بينما مات زي الوايتس في
الحلقة.
-
أي ملعومات مفيدة عن الوايت ووكرز وليه اختاروا يرجعوا دلوقت بالذات!
ملاحظات هامشيَّة:
- ما فيش كاتب في هوليوود تقريبًا بيقدر يقاوم محاكاة الصُّور الدينيَّة، زي وضع صلب المسيح مثلًا أو العشاء الأخير. أحيانًا بتكون في محلَّها وأحيانًا بتكون مقحمة. هنا فيه أمثلة زي وضع صلب المسيح في مشهد طعن بريك، وطعن ثيون مكان طعن المسيح، وطبعًا صورة داوود وجالوت في مشهد ليانا والعملاق. إلى حدٍّ ما حاسس المحاكاة دي مقحمة، لكن ما عنديش مشكلة معاها.
- ما زالت المعارك في «The Lord of the Rings» و«Waterloo» الأفضل في تاريخ السينما، و«Battle of the Bastards» أفضل معركة في المسلسل.
ويمكن
ما تكونش دي النهاية. ممكن يطلع فيه رابط مستمر لبران بسبب العلامة على إيده. ممكن
يكون الوايت ووكرز بياخدوا وقت على ما ينضجوا ويتحوِّلوا بالكامل، فابن كراستر
اللي شوفناه بيتحوِّل في الموسم الرابع هيكون بمثابة خطر جديد في المستقبل. جايز،
لكن أنا مش مهتم أوي الحقيقة. الحلقات الجايَّة هتفرَّج عليها بالقصور الذاتي
وهكتب عن اللي عجبني وما عجبنيش برضه. لكن المجمل، الحلقة كانت محبِطة وخالفت
التوقُّعات بصورة سيئة خالية من الحِرفيَّة في الكتابة. بصريًّا مبهرة -من اللي
عرفنا نشوفه على الأقل- لكن ده أفضل ما يمكن أن يقال عنها.
فاكرين «Lost»؟